مستقبل التجارة الإلكترونية في 2025

بينما يشهد العالم تغيرات جذرية في الاقتصاد العالمي، يُمثل عام 2025 فرصة جديدة لإعادة تشكيل سلوكيات الشراء وتعزيز الابتكار في التجارة الإلكترونية. خاصةً مع تغير الكثير من سلوكيات المستخدمين للشراء عبر الإنترنت بعد الطفرات التقنية التي شهدتها التطبيقات والذكاء الاصطناعي. 

في هذا السياق، نستعرض أبرز التوجهات التي ستشكل مستقبل التجارة الإلكترونية في 2025، لتساعدك على البقاء في طليعة المنافسة وكيف يمكنك الاستفادة من هذه التحولات.

1. التخصيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي

أظهر تقرير McKinsey & Company أن الشركات التي تتفوق في تخصيص تجربة شراء العملاء قامت بتحقيق زيادة في الإيرادات بنسبة تصل إلى 40%، ويعتبر أمازون مثالاً رائداً في هذا المجال، حيث يستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك العملاء وتقديم توصيات مخصصة، مما يعزز تجربة التسوق ويزيد من ولاء العملاء.

يعتمد التخصيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي في المتاجر الإلكترونية على تحليل بيانات سلوك العملاء لتقديم توصيات دقيقة حول المنتجات والعروض، بالإضافة إلى تحسين محرك البحث داخل المتجر لتسهيل تجربة التسوق وزيادة فرص الوصول إلى المنتجات التي تتناسب مع احتياجات العملاء.

يمكنك جمع وتحليل بيانات العملاء لفهم تفضيلاتهم وسلوكياتهم، وتخصيص التجربة بتكلفة منخفضة باستخدام أدوات SaaS التي تقدم حلول تخصيص مرنة وفعّالة. كما أن تكامل محركات التوصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي يساعد المتاجر في توفير تجارب مخصصة دون الحاجة لاستثمار ضخم في البنية التحتية.

2. التجارة الاجتماعية

وفقًا لتقرير شركة Grand View Research، يُتوقع أن يصل سوق التجارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أكثر من 3.36 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2028، مع معدل نمو سنوي مركب (CAGR) قدره 28.4%. يشير التقرير إلى أن التجارة الاجتماعية أصبحت إحدى الاتجاهات الرئيسية في التجارة الإلكترونية، حيث تحول سلوك المستهلكين بشكل ملحوظ نحو التسوق المباشر عبر منصات التواصل الاجتماعي.

تتيح التجارة الاجتماعية للمستخدمين الشراء مباشرةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يوفر إنستجرام ميزة "Instagram Shopping" التي تسمح للعلامات التجارية بوضع علامات على المنتجات في الصور، مما يسهل الشراء من التطبيق مباشرة. كما تقدم فيسبوك ميزة "Facebook Marketplace" التي تتيح للشركات إنشاء متاجر إلكترونية داخل المنصة، مما يبسط تجربة التسوق ويعزز التفاعل مع العملاء.

يمكن للمتاجر الصغيرة البيع مباشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي. أما إذا كنت صاحب متجر إلكتروني قائم، يجب عليك الاستفادة من هذا الاتجاه بتعزيز تواجدك على هذه المنصات واستخدام ميزات التسوق لعرض المنتجات بشكل احترافي، مع الحرص على إرسال العميل للشراء من داخل متجرك للاستفادة من بياناته وإعادة استهدافه بطرق مختلفة.

3. تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي

أظهر تقرير Statista، أن 61% من المستهلكين كانوا مستعدين للشراء من الشركات التي تتيح لهم تجربة المنتجات باستخدام تقنيات الواقع المعزز.  ومن الأمثلة البارزة على ذلك تطبيق "IKEA Place" من إيكيا، الذي يسمح للمستخدمين بوضع قطع الأثاث الافتراضية في منازلهم باستخدام الواقع المعزز، مما يعزز تجربة التسوق عبر الإنترنت ويزيد من ثقة العملاء في منتجات الشركة.

توفر تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي للعملاء تجربة تفاعلية تحاكي الواقع، مما يتيح لهم معاينة المنتجات بدقة أكبر في بيئتهم الخاصة، مما يقلل من المخاطر المرتبطة بعدم توافق المنتجات مع احتياجاتهم. يساعد ذلك في تعزيز العلاقة بين العميل والمنتج، مما يؤدي إلى زيادة الإقبال على الشراء.

لاستفادة فعّالة من هذه التقنيات، يجب على المتاجر الإلكترونية استكشاف حلول الواقع المعزز أو الافتراضي التي تتناسب مع منتجاتهم. كما ينبغي التعاون مع مطوري التطبيقات لإنشاء تجارب تفاعلية مبتكرة، فضلاً عن تسليط الضوء على هذه الميزات في الحملات التسويقية لجذب العملاء المهتمين بتجربة تسوق جديدة.

4. التسوّق عبر الصوت

يقدر تقرير Demandsage،أن 20.5% من الأشخاص حول العالم يستخدمون البحث الصوتي، مع توقعات بزيادة هذه النسبة بفضل انتشار المساعدات الصوتية. مثال على ذلك هو دومينوز، التي تتيح لعملائها طلب البيتزا عبر الأوامر الصوتية من خلال التطبيق أو المساعدات الصوتية مثل أمازون أليكسا وجوجل أسيستنت، مما يسهل عملية الطلب.

يسمح البحث الصوتي للمستخدمين، خصوصًا عبر الهواتف المحمولة، بإجراء المعاملات بشكل أسرع وأكثر راحة، مما يعزز تجربة التسوق. ومع تحسن دقة التعرف على الصوت، من المتوقع أن تتوسع هذه التقنية، مما يجعل من الضروري تبنيها في المتاجر الإلكترونية.

لتحضير المتاجر لهذا الاتجاه، يجب تحسين المواقع لتدعم البحث الصوتي باستخدام كلمات مفتاحية طبيعية، مع التأكد من وضوح معلومات المنتجات للمساعدات الصوتية. كما يمكن تطوير تطبيقات مخصصة لتسهيل عملية الشراء عبر الصوت.

5. المدفوعات عبر المحافظ الإلكترونية

حسب تقرير ورلدباي،شكلت المحافظ الرقمية 50% من المشتريات في قطاع التجارة الإلكترونية و30% من المشتريات في المتاجر خلال عام 2023، ما يعادل 14 تريليون دولار من المعاملات. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 25 تريليون دولار بحلول عام 2027، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذه المحافظ في تعزيز التجارة الإلكترونية وتبسيط عمليات الدفع للعملاء.

يزداد إقبال المستخدمين على استخدام المحافظ الرقمية نظرًا لأنها توفر خيارات دفع أسرع وأكثر أمانًا مقارنة بالدفع عبر البطاقات الائتمانية. كما أن سهولة استخدامها وسرعتها تشجع المزيد من العملاء على الدفع بهذه الطريقة، مما يعزز تجربة التسوق.

لتلبية احتياجات جمهورك المحلي، من الضروري تبني حلول المحافظ الرقمية المتوافقة مع الأسواق المحلية. في السعودية، تعد STC Pay وMada Pay من أبرز الخيارات التي يمكن دمجها في المتاجر الإلكترونية لتوفير طرق دفع مرنة وآمنة، بالإضافة إلى Google Pay الذي سيتاح من قبل البنك المركزي السعودي هذا العام.

6. التركيز على تجربة العملاء

وفقًا لدراسة أجراها PwC، أظهر 86% من العملاء استعدادهم لدفع المزيد مقابل تجربة شراء أفضل، مما يعكس أهمية تحسين تجربة العملاء في التجارة الإلكترونية. تحسين هذه التجربة لا يقتصر فقط على جودة المنتجات، بل يشمل أيضًا سهولة ويسر عملية الشراء. على سبيل المثال، ساهمت خدمة العملاء الاستثنائية لشركة "زابوس" في نجاحها، حيث جعلت أمازون تستحوذ عليها في 2009 مقابل 928 مليون دولار بفضل تفوقها في هذا المجال.

تحسين تجربة الشراء يشمل كل التفاعلات التي يمر بها العميل من بداية زيارته للموقع حتى استلام المنتج. يمكن تحقيق ذلك من خلال تصميم واجهات سهلة الاستخدام، توفير خيارات دفع متعددة وآمنة، إضافة إلى تسهيل الشحن والإرجاع. كما يعد تفاعل المتجر مع العميل عبر تخصيص العروض والمحتوى أحد العوامل المهمة لزيادة رضا العميل وتحفيزه للشراء مرة أخرى.

لتحقيق ذلك، يجب على أصحاب المتاجر التركيز على تبسيط عملية الشراء من خلال تحسين تجربة المستخدم ووسائل الدفع المتاحة في المتجر، وضمان تجربة شحن مرنة وسريعة، بالإضافة إلى تسهيل عملية الإرجاع وتقديم دعم فني فعال للرد على استفسارات العملاء.

7.استخدام الفيديوهات القصيرة

في عصر الفيديوهات القصيرة التي بدأت بـ30 ثانية للفيديو؛ أصبح المحتوى المرئي أداة تسويقية أساسية في التأثير على كيفية تواصل العلامات التجارية مع عملائهم؛ وذلك من خلال استغلال تلك المدة القصيرة في تقديم محتوى يجذب انتباههم  أو شرح منتجاتهم. ويرجع ذلك إلى الطبيعة التي أصبح الإنترنت يتسم بها، وهي السرعة التي قلصت فترات الانتباه للمحتوى.

فيمكنك الآن أن تعد محتوى تسويقي لمنتجاتك من خلال سرد إبداعي أو عرض لمنتجاتك وخدماتك وزيادة الوعي بعلامتك التجارية في ثوانٍ. ولترى تأثير تلك الفيديوهات إليك بعض الإحصائيات:

  • فيسبوك: القصص الصوتية تزيد من اهتمام العملاء بنسبة 62%.
  • إنستقرام: 91% يشاهدون Reels أسبوعيًا؛ الفيديوهات بـ26 ثانية تحصل على تعليقات أكثر.
  • يوتيوب: 74% يستخدمون يوتيوب، وتتضاعف نسبة الشراء بعد مشاهدة المنتج.
  • إكس: الفيديوهات تزيد التفاعل 10 مرات.
  • تيك توك: 71% يشترون بعد مشاهدة منتجات؛ 58% يعتبرونه مصدر إلهام للتسوق.

تقدم الطبيعة التفاعلية لهذه المنصات، مع مزايا مثل التعليقات والمشاركات والإعجابات، مقاييس فورية للنجاح والمشاركة، ما يتيح للعلامات التجارية تعديل استراتيجياتها بسرعة.

8. نماذج الاشتراك

تعتبر خاصية الاشتراكات محببة للمستخدمين لأنها توفر راحة البال وتوفر الوقت. من خلال الاشتراك، يمكن للعملاء ضمان توافر المنتجات التي يحتاجون إليها بشكل دوري دون الحاجة للتسوق المستمر. بالإضافة إلى ذلك، تقدم العديد من المتاجر خصومات حصرية على الاشتراكات، مما يجعل هذه الخدمة أكثر جذبًا. كما يسهم الدفع التلقائي في تسهيل عمليات الشراء وزيادة ولاء العملاء للمتجر.

تعد خدمة "Subscribe & Save" من أمازون واحدة من أبرز نماذج الاشتراك  التي تسمح للعملاء الاشتراك لتلقي منتجات بشكل دوري مثل المواد الغذائية، ومنتجات العناية الشخصية، أو المنظفات المنزلية مع خصومات مغرية على الأسعار. توفر هذه الخدمة تجربة تسوق مريحة للعملاء وتضمن لهم استلام منتجاتهم المفضلة بشكل منتظم دون الحاجة للتذكير أو إعادة الطلب.

لتحقيق أقصى استفادة من خاصية الاشتراك، يجب على أصحاب المتاجر الإلكترونية توفير خيارات مرنة للعملاء تشمل فترات اشتراك متنوعة مثل شهري أو ربع سنوي، مع تقديم خصومات مميزة على الاشتراكات طويلة الأمد ومن المهم أيضًا تذكير العملاء بتجديد اشتراكاتهم أو تعديلها عبر رسائل دورية، بالإضافة إلى السماح لهم بتعديل منتجاتهم في أي وقت

بالنهاية، تعكس هذه التوجهات ملامح التجارة الإلكترونية في 2025، لكن نجاحك يعتمد على اختيار ما يناسب طبيعة نشاطك التجاري من خلال تحديد الفرص الأكثر ملاءمة لجمهورك المستهدف والاستفادة منها لتعزيز نمو متجرك وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة.